في إطار استراتيجية التحوّل 2018-2022 المتّبعة مؤخراً في جامعة قطر، فإنّ الجامعة تسعى جاهدةً لتصبح مؤسّسة بحثية معترف بها على مستوى العالم وتقوم بدور الريادة للعديد من البرامج ذات التخصّصات المتعدّدة التي تزيد وتثري التأثير البحثي الذي يمكن تحقيقه عبر إتاحة الوصول إلى أحدث المرافق والتعامل مع أذكى العقول في مختلف المؤسّسات البحثية الوطنية والدولية. ونظرًا لأن المؤسّسات تلعب دورًا رئيسيًا في تشجيع وتسهيل عمليّات التعاون الجديدة، فإنّ تمويل المبادرات بين المؤسسات المتعدّدة يتيح الجمع بين الخبرة اللازمة لمعالجة مشكلات البحث الصعبة وتشجيع البحث متعدّد التخصّصات.
وقد تمّ تصنيف جامعة قطر حاليًا كإحدى المؤسسات الرائدة دوليًا من حيث الشراكات البحثية العالمية، حيث أنّ لديها هيئة تدريس متنوّعة لديها القدرة على بثّ الأنشطة الأكاديمية والبحثية بمنظور عالمي، ممّا يكمل سياق دولة قطر والتي تتّخذ بحدّ ذاتها شكل البلد ذو الطابع الدولي بشكل متزايد. ووفقًا لإحصاءات السنوات الخمس الأخيرة، فقد تعاونت جامعة قطر مع 1787 مؤسسة عالمية وشاركت في إخراج حوالي 4550 منشورًا، جاءت 2842 منها كمقالات صحفية شكّلت الناتج العلمي من تلك المشاريع البحثية التعاونية في موضوعات بحثية مختلفة.
تمّ تمويل الغالبية العظمى من هذه التعاونات من خلال برنامج الأولويات الوطنية للبحث العلمي والذي يمثل برنامج التمويل الرئيسي للصندوق القطري لرعاية البحث العلمي. وقد شكّل هذا دليلاً على أنّ جامعة قطر والمؤسّسات المتعاونة الدولية قد أدركت بوضوح أن البحث أصبح أمراً حاسماً لحلّ التحدّيات الكبرى التي تواجهنا اليوم في مؤسّسات الدول المتعاونة، وأنّ الحلول تتطلّب بشكل متزايد العمل عبر الحدود والتخصّصات والفواصل بين الأمم.
وقد شهدت قطر على مدى العقدين الماضيين معدّلات كبيرة من التغيّرات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، مما أدّى إلى ظهور قضايا مهمّة مثل تلوّث الهواء والمياه وموارد الأرض والأمن الغذائي والمائي والهوية والتحدّيات الاجتماعية والاقتصادية الأخرى. ومع انخفاض التمويل من وكالات التمويل المختلفة في مختلف البلدان، بما في ذلك قطر، وإدراك أنّ هذه القضايا تعتبر تحدّيات دولية، فإنّ إنشاء مخطّط تمويل جديد مثل برنامج التعاون الدولي للتمويل المشترك في جامعة قطر (QU-IRCC)، والذي تمّت صياغته حسب الحاجة، يعدّ حاضنة لتوفير الفرص لدولة قطر والدول المشاركة التي تبحث عن حلول لهذه التحدّيات العالمية وبناء أوجه التعاون المتينة القائمة.
إنّ تعزيز المزيد من التعاون بين جامعة قطر والجامعات الأخرى أمر ضروري، ليس فقط لتوحيد الجهود البحثية في المجالات التي تحظى بأولوية عالية بالنسبة لدولة قطر وتلك البلدان، ولكن أيضًا لتسهيل تبادل الباحثين والطلبة وتوفير وصول سهل لمنصّة للتدريب البحثي للخريجين لطلبة الدراسات العليا وما بعد الدكتوراه. ويمكن توسيع هذا التعاون بشكل مدروس ليؤدّي إلى إنشاء منصّة بحثية تعاونية من شأنها أن تؤدّي إلى اتّحاد أوسع للابتكار والاكتشاف والتقدّم العلمي مع وحدات بحثية عالية التخصّص في مختلف التخصّصات في قطر والبلدان الأخرى والتي سيستفيد منها العالم بأسره.
ونظرًا لأن الأفراد هم محور التعاون الدولي، فإنّ برنامج التعاون الدولي للتمويل المشترك في جامعة قطر سيقوم بدعم أفضل الباحثين من جامعة قطر والجامعات المشاركة الأخرى من جميع أنحاء العالم لتطوير الشراكات البحثية عالية الجودة والتأثير، بالإضافة إلى إتاحة الفرص للباحثين الدوليين للوصول إلى مجموعة أكبر من شركاء جامعة قطر للتعاون المشترك في البحث والتطوير. ستعمل جامعة قطر مع الجامعات الإقليمية والدولية الأخرى وشركاء البحث للتغلب على هذه المشكلة من خلال تطوير برنامج تمويل مشترك مثل برنامج التعاون الدولي للتمويل المشترك والذي يهدف إلى تسهيل تعاون الباحثين في جامعة قطر مع شركاء البحث المتميزين من حول العالم، وذلك من خلال دعم الأنشطة التي تمكّنهم من ذلك وتقليل الحواجز.