نظّم مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانيَّة والاجتماعيّة بجامعة قطر ندوة علميّة دوليّة بتاريخ 15 شعبان 1440هـ الموافق 20 أبريل 2019م بعنوان: "منهجية البحث في المفاهيم والمصطلحات في العلوم الاجتماعية والشرعية " في قاعة المؤتمرات بمبنى الإدارة العليا، جامعة قطر.
وقد حضر المؤتمر سعادة الأستاذة الدكتورة مريم المعاضيد، نائب رئيس الجامعة للبحث والدراسات العليا، وأعضاء هيئة التدريس، والضيوف، والطلاب، والطالبات، والجمهور، وكان الحضور لافتاً.
وتأتي هذه الندوة ضمن الأطر الاستراتيجية التي يعمل في ضوئها مركز ابن خلدون، لا سيما إطار التجديد، والتجسير، والمواكبة كمحاولة لضبط المنهجية الصحيحة لصياغة المفاهيم والمصطلحات المعبّرة عنها في العلوم الاجتماعية والشرعية، وبيان أثر الخلل المنهجي في بناء المفاهيم والمصطلحات على البنية المعرفة لهذه العلوم.
افتُتحت الندوة التي أدارها الباحث حسين محمد نعيم الحق بكلمة افتتاحيّة من سعادة الأستاذة الدكتورة مريم المعاضيد، نائب رئيس الجامعة للبحث والدراسات العليا، ركّزت فيها على أهمية قضية صياغة المصطلحات الدقيقة إزاء المفاهيم العلمية المختلفة في العلوم الاجتماعية والشرعية، وعلى أهمية الحفاظ على ثقافتنا وعقيدتنا من المفاهيم الطارئة والمغلوطة التي تستهدف الثوابث الدينية والأخلاقية، وتزكي نيران العنصرية والتعصب والانقسام، وتؤجج الصراعات الدامية في عالمنا العربي والإسلامي.
وقالت الدكتورة مريم: "هذه الندوة خطوة دورية في تحقيق أحد أهم أهداف المركز في التجسير بين العلوم الإنسانية والاجتماعية والشرعية، وهي فرصة ثمينة أمام الباحثين واللُغويين العرب، حيث يتناقشون من خلالها، ويتبادلون الخبرات التي تسهم في بناء المفاهيم والمصطلحات العربية السليمة والموحّدة التي تنير طريق البحث العلمي والتعليمي والمعرفي"، وختمت حديثها بشكر الجميع وطلب النجاح لأعمال الندوة.
ثم ألقى الدكتور نايف بن نهار، مدير مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية، محاضرة تأطيرية حول موضوع الندوة، وركّز فيها على أهم الجوانب المنهجية في بناء المفاهيم وصياغة المصطلحات، وأن هذه الندوة تأتي لمناقشة المسائل العلمية التي يحتاج إليها أساتذة وباحثون نوعيون لتطوير منهجية واضحة في العلوم الاجتماعية والشرعية، والتلاقي بين الأساتذة الباحثين من مختلف التخصصات.
وقال الدكتور نايف: إن المفهوم هو المدخل الأساس لعالَم الأفكار، وإذا حصل أي لبس في المفهوم فإنه يؤدي بالضرورة إلى خلل في المصطلح المعبّر عنه، وتاليًا يقع الخطأ فيما يترتب عليه من الآثار فيما بعد، والبحث في المفاهيم والمصطلحات بحث أساسي، وليس بحث كماليًا، كما يظن بعض الأساتذة، حيث لا يمكن حل أي مشكلة فكرية إلا إذا تمّ تفكيك البنية المفاهيمية لهذه الفكرة.
كما طرح الدكتور نايف بن نهار بعض التساؤلات حول القاضايا المركزية المتعلقة بالمفهوم والمصطلح لإثارة الانتباه لها ومعالجتها، منها: هل المصطلح مدخل للفكرة أم العكس؟ هل المصطلح لديه هوية معرفية مستقلة عن سياقه أم لا؟ ما العلاقة بين محدّدات المفاهيم الشرعية والاجتماعية؟ كالخطاب الشرعي، والعرف، واللغة. ما هي المنهجية العلمية للتعامل مع هذه القضايا؟
وختم الدكتور حديثه بشكر الحضور مرة أخرى.
ثم بدأت جلسات الندوة الخمسة تِباعًا، وكانت الجلسة الأولى برئاسة الدكتور حسين السوداني حول منهجية بناء المفاهيم والمصطلحات في علوم اللغة. وشارك فيها كل من الدكور عادل فتحي ببحث معنون "مدخل إلى بناء المفاهيم في الدرس اللغوي: المصطلح النحوي نموذجًا"، والأستاذة دنيا الوكيلي ببحث "إشكالات ترجمة المصطلحات إلى العربية: مظاهرها، وأسبابها، وبعض الحلول المقترحة – المطصلح اللساني نموذجًا".
ورأست الجلسة الثانية التي تمحورت حول منهجية بناء المفاهيم والمصطلحات في العلوم الاجتماعية الدكتورة منيرة الرميحي، وتحدث فيها كل من الدكتور حسن مالك عن بحثه المعنون: "في تحليل الخطاب الاجتماعي: قراءة في المفاهيم والمصطلحات"، والدكتور سيد أحمد قوجيلي ببحثه: "التعريف بالتجرير: كيف نعيد بناء المفاهيم المتنازع عليها بالضرورة؟"
أما الجلسة الثالثة فترأسها الدكتور رمضان خميس، وكانت جلسة حواريّة حول فكرة تأسيس علم خاص بعلم لغة القرآن الكريم التي طرحها الأستاذ الدكتور إياد محمد الأرناؤوطي، وقد سماها: "علم لغة القرآن الكريم: مسوغاته النظرية ومعالمه التطبيقية".
وقد كانت هناك مداخلات كثيرة من الجمهور حول فكرة تأسيس علم لغة القرآن الكريم التي طرحها الدكتور الأرناؤوطي ما بين مؤيد لها، وأخرى معارض.
ثم جاءت الجلسة الرابعة لمعالجة قضية بناء المفهوم والمصطلح في السياق الشرعي، ورأسها الدكتور محمد أبو بكر المصلح، وتحدث فيها كل من الأستاذ الدكتور محمد ذنون يونس عن الأسس اللغوية والعلمية في دراسة المصطلح الشرعي: تأصيلاً وتطبيقاً، والأستاذ الدكتور بوعلام معطر ببحثه "البناء المنطقي للمفهوم ومداخل اللبس في صناعة المصطلح"، والدكتور عبد الحميد أحمد محمد عن بحثه "أثر تطور الدلالات اللغوية للألفاظ على الفهم الخاطئ للمصطلحات الشرعية: مصطلح التجديد نموذجًا".
وكانت الجلسة الخامسة الختامية حول بناء المفهوم والمصطلح في السياق القرآني، ورأسها الأستاذ الدكتور محمد عبد اللطيف، وشارك فيها كل من الدكتور عمر حيدوسي ببحثه: "البحث المصطلحي في الدراسات القرآنية: أسسه المعرفية وإشكالاته المنهجية"، والأستاذة شيماء فوخوري ببحثها المعنون: "النظام القرآني: لغة القرآن ورؤيته للعالم؛ أسسًا منهجية لناء المفاهيم القرآنية؛ مفهوم التعارف نموذجًا"، والدكتور عبد الفتاح بن اليماني الزويني ببحثه: "خلل تقديم اللسان العربي على اللسان القرآني وأثره في بناء المفاهيم والمصطلحات القرآنية".
وقد تميزت الجلسات كلها بتفاعل كبير من الحضور مع القضايا التي طرحها المشاركون، كما تخللت الجلسات بتعقيبات رؤساء الجلسات على الأبحاث المقدّمة في كل جلسة، وملاخلاتٍ الحضور عليها، وأسئلتهم حول القضايا المبحوثة، وختم المؤتمر أعماله في الساعة الخامسة والنصف مساء.