تعد الظواهر الاجتماعية بطبيعتها ظواهر مركبة ومتداخلة، ومع تطور العلوم تتجلى محددات أكثر للظواهر الاجتماعية تجعلها أكثر تداخلاً وتعقيدًا. وهذا التداخل في موضوعات الظاهرة الاجتماعية ينعكس بطبيعة الحال على نمط البحث العلمي المتعلق بها، ويفرض عليها نمط البحث البيني الذي يحاول مقاربة الظاهرة من مختلف أبعادها سعيًا لفهم أعمق وأنضج، بعيدًا عن المقاربات التجزيئية التي تحاول فهم الظاهرة من أحد أبعادها. ولأهمية المقاربات البينية فقد جعل مركز ابن خلدون "التجسير" أحد أهم أطره الاستراتيجية، ونعني بالتجسير المقاربات العلمية التي ترتكز على تخصصات متعددة انعكاسًا لتعدد أبعاد الظاهرة الاجتماعية. ولأجل تعزيز هذا النمط البحثي في الكتابات العربية فقد جاءت فكرة مؤتمر "مركز ابن خلدون السنوي للتجسير"، والذي يسعى إلى تعزيز البحث البيني فيما بين العلوم الاجتماعية (الاقتصاد/ السياسة/ العلاقات الدولية/ التربية/ الإدارة/ علم النفس/ علم الاجتماع/ الدين/ علم الإناسة/الصحة العامة)، وكذلك البحث البيني بين قطاعين يقل التفاعل بينهما، وهما قطاع العلوم الاجتماعية وقطاع العلوم الطبيعية بمعناها العام (الأحياء/ الفيزياء/ الكيمياء/ الطب/ الرياضيات/ الذكاء الصناعي ونحو ذلك).