دورة علمية:
مداخل إلى العلوم الاجتماعية
أقام مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة قطر دورة علمية بعنوان: "مداخل إلى العلوم الاجتماعية"، وذلك ضمن فعالية "أسبوع مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية"، وكان ذلك على مدار سبعة أيام، 23-29 أكتوبر 2021م. وقد جاءتْ هذه الدروة في إطار التجسير الذي يُعدُّ أحد الأطر الاستراتيجية الخمسة التي يعمل في ضوئها مركز ابن خلدون، والذي يعني إيجاد حالة من التفاعل المنهجي بين فروع العلوم الاجتماعية والإنسانية المختلفة. وقد قدَّم الدورة سبعة أساتذة متميزين في تخصصاتهم العلمية.
وتقوم فكرة الدورة على أن المعرفة العلمية الاجتماعية معرفة متداخلة بطبيعتها، وأن الاكتفاء بالتخصص الدقيق في البناء العلمي يجعل الأكاديميين والباحثين يحصرون أنفسهم في زاوية نظر معزولة عن سياقها المعرفي والمنهجي. وهذا ما يتطلب من المتخصصين في مختلف العلوم أن تكون لديهم درايةٌ بالعلوم الأخرى، ولو على مستوى المداخل، لتتشكَّل لديهم صورةٌ عن خارطة المعرفة؛ بحقولها، ومناهجها المختلفة، وليتمكنوا من القيام بعملهم العلمي والبحثي عن وعي بهذا التعقيد والترابط بين العلوم.
وفي هذا السياق تأتي فكرة هذه الدورة؛ لتقديم مداخل إلى العلوم الاجتماعية لغير المتخصصين، وذلك لتمكينهم من فهمٍ أفضل وأدق لظواهر المجتمع التي يقومون بدراستها، والتي لا يمكن فهمها والتعامل معها دون توفُّر حدٍ أدنى من المعرفة عن حقل العلوم الإنسانية والاجتماعية، ومناهجه، وأدواته التي طوَّرها العلماء لفهم المجتمع وظواهره ومؤسساته.
وقد افتتح الدورة، في اليوم الأول، الدكتور نايف بن نهار، مدير مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة قطر، وناقش محورين مهمين؛ كان الأول يتعلق بطبيعة العلوم، حيث بيَّن أن العلوم كلها إما أنها تدرس السوك الإنساني، أو أنها تدرس السلوك الطبيعي؛ فإذا كانت تدرس السلوك الإنساني فإنها، إذن، علوم اجتماعية، وإذا كانت تدرس السلوك الطبيعي، فإنها، إذن، علوم طبيعية.
أما المحور الثاني في حديث الدكتور نايف فكان حول أهمية العلوم الاجتماعية نفسها، حيث تحدث عن مكانة العلوم الاجتماعية في المجتمعات، وأنها تنظر إليها بدونية، من حيث الأهمية، وأن إدراك أهمية العلوم الاجتماعية ينطلق من أهمية الوعي. ولا شك أن العلوم الاجتماعية هي التي تصنع الوعي، وهي التي يتوقف عليها استمرار المجتمعات وازدهارها؛ لأنها تمثِّل عقل المجتمع.
وأخيرًا، أشار مدير المركز إلى أن الهدف من هذه الدورة إعطاء تصور عام لمن يريد أن يتخصص في أحد هذه الفروع. أما المتخصصون فيها فإن هذه الدورة ستفتح لهم آفاقًا جديدة، من خلال اطلاعهم على التخصصات الأخرى، كما تهدف هذه الدورة إلى توجيه الباحثين إلى مواضيع يمكن استثمارها؛ لتكون رسائل جامعية، كما أنها تفيد الباحثين المعنيين بالبحث البيني.
بعد الكلمة الافتتاحية لمدير المركز قدَّمت الدكتورة أسماء ملكاوي مدخلًا إلى مناهج البحث في العلوم الاجتماعية، بهدف تقديم صورة بانورامية عن شكل مناهج البحث في العلوم الاجتماعية وواقعها، كما يهدف هذا المدخل إلى بيان وفهم الأسس الفكرية التي تقوم عليها المناهج، بما يعين على التجسير بين العلوم.
وفي اليوم الثاني قدَّمت الدكتورة لارا الحديد، أستاذ مساعد في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة قطر، مدخلًا إلى علم الاجتماع، حيث تناولتْ عددًا من الجوانب المهمة لهذا العلم؛ من حيث ماهيته، والهدف من دراسته.
وقد خصِّص اليوم الثالث لتقديم مدخل إلى الإنثروبولوجيا، حيث شاركتْ في تقديمه الدكتورة شيخة الكواري، أستاذ مساعد في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة قطر، وقد ناقشت الدكتورة الكواري عددًا من المباحث المهمة المتعلقة بعلم الإنثروبولوجيا، حيث بدأت بتقديم مفهوم الانثروبولوجيا، ثم مراحل التطور التي مر بها هذا العلم، كما أشارتْ إلى أهم نظريات الإنثروبولوجيا وفروعها.
وفيما يتعلق بعلم النفس، فقد قدَّم الدكتور يسري مرزوقي مدخلًا شارحًا لهذا العلم، بادئًا بموضوع علم النفس الذي يُعنى بدراسة تصرفات الإنسان التي تجتمع تحت مظلة السلوك، والتجربة الوجدانية، أي الشعور والإحساس. بالإضافة إلى النشاط العقلي، والآليات المعرفية عند الإنسان، كما ناقش أهداف علم النفس التي تتمحور حول الوصف، والفهم، والضبط، والتنبؤ.
وفي اليوم خامس قدم الأستاذ الدكتور أحمد أبو شوك مدخلًا إلى علم التاريخ، حيث تناول فيه ثلاثة محاور أساسية؛ كان الأول منها حول الانتساب المعرفي لهذا العلم، وثانيها حول المرجعيات الفلسفة، وثالثها حول المنهج والإجراءات، حيث تطرَّق إلى الفرضية مناقشًا رؤية ابن خلدون فيها، وقدَّم نموذجًا، وهو مدرسة الحوليات الفرنسية، وقد ختم حديثه بالإجابة عن أسئلة الحضور.
أما اليوم السادس من الدورة، فقد قدم فيه الدكتور مشاري الرويح مدخلًا إلى علم العلاقات الدولية، تحدث في مقدمته عن تاريخ علم العلاقات الدولية، وانتقل بعده إلى بيان تطور المجال الدولي، كما أوضح نشأة دراسة هذا العلم والحوار الأول له.
في اليوم السابع والأخير من الدورة قدَّم الدكتور عبيدالله محجوب مدخلًا إلى علم الاقتصاد، تحدث فيه عن تاريخ علم الاقتصاد، وما يُعنى به، كما بيَّن أقسام علم الاقتصاد وعددًا من المحاور المهمة المتعلقة به، ثم أجاب عن أسئلة الحضور.
وقد لاقت هذه الدورة اهتمامًا كبيرًا من الطلبة والباحثين، حيث فاق عدد الحضور، على مدار الأيام السبعة، على 200 طالب وطالبة، وقد استُقبِلَ من خلالها العديد من الأسئلة في جميع المداخل، والتي تجاوزت الخمسين سؤالًا في المدخل الواحد.