مركز ابن خلدون ومركز دراسات الخليج في جامعة قطر ينظمان ورشة دولية حول تأثير حرب غزة على الحرية الأكاديمية والإعلامية الغربية
نظم مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة قطر بالتعاون مع مركز دراسات الخليج ورشة دولية بعنوان: كيف أثرت حرب غزة على الحرية الأكاديمية والإعلامية الغربية؟ في فندق ويندام الدوحة – ويست باي، وذلك يوم السبت الموافق 9 ديسمبر 2023م، وقد استمرت الندوة لمدة أربع ساعات؛ من العاشرة صباحًا حتى الثانية ظهرًا.
افتُتِحت الندوة بكلمة الدكتور نايف بن نهار، مدير مركز ابن خلدون بجامعة قطر، والتي رحب في بدايتها بالمشاركين والحضور، ثم أشار إلى السياق الذي تأتي فيه هذه الندوة، وأهمية الموضوع في ظل هيمنة النموذج الغربي في أكاديميات العالم العربي، حيث تقاس مدى تطورات مؤسساتنا الأكاديمية والعلمية وفق هذا النموذج، ومن ثم نجد مؤسساتنا الأكاديمية تسعى دائمًا للاعتراف من المؤسسات الغربية، باعتباره النموذج المهيمن. غير أن هذا النموذج وقع في مأزق في ظل حرب غزة، حيث إن ما كان يقال عن القيم الأخلاقية، والحرية الأكاديمية، والموضوعية العلمية في الغرب بدأت تنهار بشكل واضح، وبالتالي بدأنا نتحدث عن الغرب، بعد أن كنا نتحدث عن أنفسنا في ضوء النموذج الغربي.
وقد انقسمت الورشة إلى جلستين؛ كانت الأولى بعنوان: الحرب على غزة وانعكاساتها على الحرية الأكاديمية والإعلامية الغربية، والتي أدارها الدكتور محجوب الزويري، مدير مركز دراسات الخليج، وقد شارك فيها أربعة متحدثين، هم: مايكل يونغ، الرئيس الفخري لجامعة تكساس إي أند أم في الولايات المتحدة، وخالد الحروب، أستاذ الدراسات شرق الأوسطية والإعلام العربي في جامعة نورث وسترن في قطر، وويليام لاو، محرر عرب دايجيست ومحلل شبكة بي بي سي السابق، وآية حجازي، ناشطة اجتماعية ومؤسسة منظمة بلادي-جزيرة إنسانية الخيرية.
وفي الحديث عن موضوع هذه الجلسة، ذكر الدكتور مايكل في كلمته بأن طرح الإعلام الغربي يتسم بنوع من الحدية الصارمة حول القضايا المطروحة، بحيث لا يترك للإنسان القارئ/المتابِع هامش حرية للاختلاف والتنوع، فتكون قضاياه مثل: الإرهاب مقابل الأخلاق الإنسانية، وإسرائيل مقابل فلسطين، وترامب مقابل بايدن، بحيث لا بد أن يختار القارئ/المتابع أحد الخيارين، دون أن يجد فرصة للمناقشة، أو طرح رأي خارج عن الخيارين المطروحين.
وفي السياق الأكاديمي يذكر مايكل أنه من المفترَض أن تكون المؤسسات الأكاديمية حرة، حتى تستطيع أن تقدم خدماتها العلمية، ولكن المؤسسة السياسية لا تسمح بهذا في الغالب، وهناك تدخلٌ سافر من قبل السلطة السياسية والمانحين للجامعات، حيث إن المانحين لا يكتفون بالتمويل، كما هو المفترض، وإنما يتدخلون في القضايا الداخلية للمؤسسات الأكاديمية، وهذه القضية كانت موجودة حتى في السابق، ولكن حرب غزة كشفت عنها بشكل صريح.
وفي مشاركته في الجلسة تحدث الأكاديمي خالد الحروب عن تجربته الشخصية في موضوع الحرية الأكاديمية، حيث تعرَّض لضغوطات من المؤسسة الأكاديمية التي ينتمي إليها، حيث إنه تساءَل في مقابلة له مع إحدى القنوات الغربية عن صحة الرقم الذي أعلنته إسرائيل عن عدد القتلى الذين قُتِلوا في هجوم السابع من أكتوبر، حيث تحدث الحروب في تلك المقابلة عن ثلاث قضايا ذكرها الرئيس الأمريكي جو بايدن، وهي: قطع رؤوس 40 رضعًا من قبل مقاتلي حماس، واغتصاب جماعي للنساء الإسرائيليات، وأخيرًا قتل 1400 إسرائيليًا في 7 أكتوبر، حيث إن إسرائيل هي التي المصدر الوحيد لهذه الأخبار، والتي تراجعت فيما بعد عن موضوع قطع رؤوس الرضع، والاغتصاب الجماعي للنساء من قبل مقاتلي حماس.
فتساءل الحروب، بناءً على عدم صحة الادعيين الأولين قدمهما الطرف نفسه، عن مدى صحة عدد القتلى الذي أعلنت عنه إسرائيل؟ وما مدى صحة هذا الرقم؟
وقد تعرضت القناة للتنمر من قبل اللوبيات الصهيونية، فاضطرت إلى حذف المقابلة، كما أن جامعة نورث وسترن أدانت الدكتور الحروب من خلال موقعها الرسمي، دون أن تطلب توضيحًا من طرف المتحدث الذي ينتمي هذه المؤسسة منذ سنوات، مع أن من القضايا الأولية في البحث العلمي الأكاديمي، كما يقول الحروب، هو: البحث عن الحقيقة فيما تطرَح من القضايا من خلال الشك فيها، والموضوعية في البحث.
ثم بدأت الجلسة الثانية في الساعة الثانية والنصف، والتي كانت جلسة مفتوحة لمناقشة سؤال رئيس، وهو: أين ينبغي أن تكون حدود الحرية الأكاديمية؟ والتي أدارها الدكتور نايف بن نهار، مدير مركز ابن خلدون، وقد تحدث فيها عددٌ من الحضور في ضوء الأسئلة الفرعية التي طرحها مدير الجلسة.
وقد طرح الدكتور نايف سؤالًا مفاده: إنا نقول بأن المؤسسات الأكاديمية الغربية لا تسمح بالحرية في قضية غزة، ولكن السؤال: هل نسمح بالحرية في نقد ما نراه صحيحًا؟ بمعنى هل نسمح لعربي أن يدافع عن إسرائيل؟
وفي الإجابة عن هذا السؤال: ذكر أحد الأكاديميين من الجامعة الإسلامية بغزة بأن المشكلة التي نتجت في موضوع الحرية الأكاديمية الغربية هي أن الغرب هو الذي كان يتباهى بالحرية، وأنه هو الوحيد الذي يمتلك الحرية، وأن لديه حرية التعبير والكلام والعلم وغيره، ثم تبيَّن من خلال أحداث غزة أن الغرب لا يسمح بالحرية حين يتعلق الأمر بإسرائيل.
وفي إجابة عن سؤال مطروح حول الحرية الأكاديمية في الجامعات الأسترالية، بحكم أنها جامعات حكومية في الغالب، والتالي لا تتعرض لضغوطات الممولين، ذكرت أكاديميةٌ تعمل في جامعة أستراليا الوطنية بأن الجامعات الأسترالية، وإن لم تتعرض لضغوطات المانحين، إلا أن الأكاديمي ليس حرًا في قضايا تُعدّ حساسة، مثل معاداة السامية، ومعاداة الصهيونية، حيث إن الأكاديمي الذي يُتهمّ بمثل هذه القضايا قد تتعرض حياته الأكاديمية لخطورة كبيرة، وذلك لقوة الداعمين المواليين لإسرائيل.