نظّم مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة قطر بالتعاون مع إدارة البحوث والدراسات الإسلامية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ندوة علمية بعنوان: التكامل المعرفي سبيل النهوض الحضاري، وذلك بتاريخ 7 ربيع الأول 1446هـ الموافق 10 سبتمبر 2024م، وقد شارك متحدثان رئيسان، بحضور كل من وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية سعادة السيد غانم بن شاهين الغانم، ومدير مركز ابن خلدون الدكتور نايف بن نهار، ومدير إدارة البحوث الدكتور محمد بن أحمد آل ثاني.
جاءت هذه الندوة، التي أقيمت بعد صلاة العشاء في جامع الإمام محمد بن عبد الوهاب، ضمن التعاون المشترك بين مركز ابن خلدون وإدارة البحوث في إقامة مشاريع علمية تجسّر بين العلوم الإسلامية والعلوم الإنسانية والاجتماعية، وقد افتُتحت ندوة بتلاوة عطرة من القرآن الكريم بصوت القارئ عبد العزيز يوسف العمادي، تلتْها كلمة للدكتور نايف بن نهار، أشاد فيها باهتمام وزارة الأوقاف الحالي بالقضايا العلمية، لا سيما قضايا التجسير بين العلوم الإسلامية والاجتماعية، حيث إن هذا الاهتمام يسهم في إزالة الصورة النمطية عن الوزارة بأنها لا تهتم إلا بشؤون المساجد ومراكز التحفيظ وغيرها، كما أنه يسهم في نشر الثقافة العلمية بين أفراد المجتمع، لا سيما أن قضايا الواقع المعاصر تتسم بالتعقيد والتركيب، ولا يمكن حلّها إلا بتضافر الحقول العلمية المختلفة، وقد أدركت الوزارة بضرورة التعاون مع المؤسسات العلمية والمراكز البحثية في هذا الجانب، وهي خطوة مهمة.
ثم تلتْها كلمة الدكتور بلال شيبوب، عضو هيئة التدريس بوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي بدولة قطر، وتحدث عن التكامل المعرفي باعتباره مدخلًا لتشكيل العقل المسلم: أبو حامد الغزالي نموذجًا، وأشار في بداية حديثه إلى مفهوم التكامل المعرفي، وأنه يتسم بالضبابية، حيث لا يوجد اتفاق مفهومي حوله، ثم تطرق إلى قضايا التكامل المعرفي في التراث الإسلامي عمومًا، وأبي حامد الغزالي خصوصًا، وأشار إلى مركزية النظرة التوحيدية في التكامل المعرفي بين العلوم، وضوابط التكامل المعرفي، من أهمها: أهلية القائم بذلك، وأهمية التناسب والاختصاص، والاقتصاد في تناول قضايا العلوم الأخرى، والنظر إلى الفائدة والنفع في التكامل، ومراعاة خصوصية المجال التداولي الأصلي في التكامل بين العلوم، ثم تحدث عن دور المنهجية الأصولية التكاملية في بناء العقل المسلم نموذجًا للتكامل المعرفي في التراث الإسلامي، وأخيرًا أشار إلى أن التكامل المعرفي يحصّن العقل المسلم من التوجهات الفكرية المنحرفة.
ثم تلتْها كلمة الدكتور بدران بن لحسن، أستاذ مشارك باحث في مركز ابن خلدون، والذي تحدث عن التكامل المعرفي عند مالك بن نبي ودوره في مشروعه الحضاري، حيث تطرق في حديثه إلى التعريف بمالك بن نبي، وأهم محطات حياته، والتي أسهمت في تشكيل وعيه الذاتي وبنائه المعرفي، وإسهاماته في استئناف الأطروحة الخلدونية وتأسيس فلسفة الحضارة، ودور معرفته الشرقية والغربية التكاملية في كل ذلك، ثم ذكر تطبيقات للتكامل المعرفي عند بن نبي في معالجة مشكلات العالَم الإسلامي، حيث بيّن دور الدين في النهضة الحضارية، باعتباره المرجعية الفكرية ودوره في التاريخ والاجتماع، وتوظيف العلوم الاجتماعية في دراسة مشكلة الثقافة، وشروط النهضة، ومشكلات الحضارة.