جلسة حوارية خاصة بعنوان: إعادة النظر في المناهج غير الغربيّة في العلاقات الدولية في ظل عالَم متغيّر
نظّم مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانيَّة والاجتماعيّة بجامعة قطر جلسة حوارية خاصة في يوم السبت الموافق 18 يناير 2020 بعنوان: "إعادة النظر في المناهج غير الغربيّة في العلاقات الدولية في ظل عالَم متغيّر" في قاعة المؤتمرات بمبنى الإدارة العليا، جامعة قطر.
وقد شارك في الجسلة قرابة عشرين أساتذة وباحثين من مختلف الخلفيات العلمية، كالصين وتركيا وقطر والهند وإيران واليمن وسوريا والسودان وجنوب أفريقيا وأوغندا وكندا والأرجنتين والمكسيك وسنغافورة وغيرها، وقد ناقشوا سؤالين أساسين:
- إلى أي مدى تسهم النظريات الغربية في وصف التفاعلات الدولية وتفسيرها خارج العالم الغربي؟
- ما تحديات تدريس علم العلاقات الدولية في الجامعات غير الغربية؟
وتأتي هذه الجلسة ضمن إطاري المواكبة والأقلمة من أطر مركز ابن خلدون الاستراتيجية التي يعمل المركز في ضوئها، كمحاولة لفهم القضايا الراهنية للمجتمعات الإقليمية من خلال رصد المناهج والنظريات التي تناسبها.
وقد بدأت الجلسة بحديث من الدكتور نايف بن نهار، مدير مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية، حول قضية المناهج الغربية وهيمنتها في المؤسسات الأكاديمية، لا سيما في العلاقات الدولية، وأن النظريات الموجودة في العلاقات الدولية في العالم غير الغربي هو تكرار لما طوّره الغرب، وهذه النظريات الغربية قد لا تخدم في وصف الظاهرة الدولية وتفسيرها في العالم غير الغربي بشكل صحيح، ومع ذلك لا تكاد توجد محاولات علمية لإعادة النظر في هذه المناهج والنظريات، إلا ما كان في كوريا الجنوبية، حيث قاموا بإقامة ندوة بهذا الخصوص، ولا نعرف إلى أي مدى استطاعوا أن يبلوروا الفكرة.
ومن هنا جاءت فكرة هذه الجلسة التي تضمّ أساتذة وباحثين من مختلف البيئات العلمية في العالم للنظر في هذه القضية الحساسة.
ثم فتح الدكتور نايف المجال للمشاركين لمناقشة السؤال الأول في الجلسة الأولى، وهو: إلى أي مدى تسهم النظريات الغربية في وصف التفاعلات الدولية وتفسيرها خارج العالم الغربي؟
وقد تباينت وجهات نظر الأساتذة المشاركين حول الإجابة عن هذا السؤال، حيث يرى بعضهم عدم الحاجة إلى تطوير نظريات خاصة للعالم غير الغربي، لأن هذه النظريات، وإن تمّ تطويرها في الغرب، إلا أنه شارك فيها خبراء وأساتذة من مختلف البلدان، في حين يرى البعض أن هذا غير صحيح، حيث إن الغرب يمارس ضغوطًا مختلفة، منها قضية التمويل، على هؤلاء الباحثين الذين ينتمون إلى بيئات غير غربية، وتاليًا لا يستطيعون أن يمارسوا حرياتهم في تطوير تلك النظريات، والمشاركة فيها، نظرًا لتلك الضغوط.
كما يرى بعض الأساتذة أن العلاقات الدولية تتميز بالنسبية وعدم الثبات، حيث لا يوجد فهم ثابت ومستقر للإنسان والطبيعة، وتاليًا لا بد من تطوير نظريات تلائم مختلف البيئات والخلفيات، وأنه يوجد هناك جهود قيمة في العالم غير الغربي في العلاقات الدولية بمختلف مجالاته، إلا أن الغرب والأمريكيين تجاهلوا هذه الجهود، بل الأسوأ أن البعض يرى هذا العلم علم أمريكي خاص!
وفي نفس السياق يرى بعض الأساتذة أن النظرية، سواء أكانت في العلاقات الدولية أم غيرها، لا بد أن تتسم بصبغة العموميّة والقابلية للتطبيق، وإلا يقدح ذلك في علميّة النظرية نفسها، والعيب في النظريات الغربية يكمن في طريقة تطبيقها، وليس في كونها غير قابلة للتطبيق، حيث إن المصالح هي التي تحرك أصحاب القرارات، وتاليًا يلوُون أعناق النظريات لتتناسب مع تلك المصالح.
وفي الجلسة الثانية نوقش السؤال الثاني الذي يقول: ما تحديات تدريس علم العلاقات الدولية في الجامعات غير الغربية؟
ويرى بعض الأساتذة أن هناك تحديات كثيرة في هذا المجال، وهي تبرز في غياب مرجعيات موحدة للكتب والمراجع التي تُعتمد بهذا الصدد، وذلك لاختلاف خلفيات الأساتذة، وتشبث كل واحد بخلفيته التي جاء منها، والإلحاح الكبير من قبل الطلبة في السؤال عن البديل للنظريات الغربية، كالنظريات الإسلامية وغيرها، والبحث عن طرق جديدة في تحليل قضايا العلاقات الدولية.
وقد خُتمت الجلسة باقتراح عدد من الطرق والوسائل لتكميل العمل في هذا المجال، منها: دعوة الأساتذة والباحثين من مختلف الخلفيات والبيئات للتعرف على ما عندهم من جديد، وتقديم مقترحات نظرية من خارج الإطار المعرفي الغربي، مثل أفريقيا وآسيا، وتقسيم الباحثين إلى فِرق ومجموعات للعمل على قضايا محدّدة، وتطوير الأفكار والقضايا التي نوقشت في جلسات اليوم، والبحث عن المشاريع التي تمّت في مختلف البيئات، وتقديمها بصورة مناسبة، والنظر في المناهج والنظريات والقضايا التي تحتاج إلى تطوير من قبل الباحثين في العالم غير الغربي؛ حيث إنه ليس بالضرورة أن يكون كلّ ما طوّره الغرب غير مفيد لغير الغرب.
وقد اختتمت الجلسات في الساعة الثالثة والنصف مساء.